الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)
.الْمَقْصِدُ الثَّالِثُ الطَّوَافُ: وَصِفَةُ الطَّوَافَاتِ كُلِّهَا وَاحِدَةٌ وَفِيهِ فَصْلَانِ:.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: شَرَائِطُهُ: وَهِيَ تِسْعَةٌ:فَالثَّلَاثَةُ الْأُولَى فِي الْجَوَاهِرِ:.طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَطَهَارَةُ الْخُبْثِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ: لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ» وَلَمَّا حَاضَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ الله عَنْهَا بَكت فَأمرهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبَاحَ لَهَا الطَّوَافَ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح والمغيره لَا يشْتَرط الطَّهَارَةُ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بَلْ هِيَ سُنَّةٌ إِنْ طَافَ مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ أَوْ جُنُبًا فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي مَعْرِضِ النَّصِّ فَاسِدٌ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَيْتِ فَأَشْبَهَتِ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ وَإِذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مَعَ الذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ فَكَذَلِك هَا هُنَا وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَتْ شَرْطًا مُطْلَقًا فَكَذَلِكَ فِي الطَّوَافِ وَإِنْ قُلْنَا مَعَ الذِّكْرِ فَكَذَلِكَ فِي الطَّوَافِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ وَفِي ثَوْبِهِ أَوْ جَسَدِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يُعِدْ وَإِنْ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بِذَلِكَ أَعَادَهُمَا إِنْ كَانَ قَرِيبا وَلم ينْتَقض وضؤه فَإِن انتفض وضؤه أَوْ طَالَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَقَالَ أَصْبَغُ سَلَامُهُ كَخُرُوجِ الْوَقْتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ طَافَ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ أَعَادَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ قَبْلَ الْإِعَادَةِ رَجَعَ مِنْ بَلَدِهِ عَلَى إِحْرَامِهِ فَطَافَ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُعِيدُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ فَإِنْ أَصَابَ النِّسَاءَ وَخَرَجَ إِلَى بَلَدِهِ أَجْزَأَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ بَعْدَ فَرَاغِهِ بِالنَّجَاسَةِ أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ فِيمَا قَرُبَ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِنْ تَبَاعَدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَهْدِي وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ..الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْمُوَالَاةُ: لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ كَذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا نَسِيَ الْمُعْتَمِرُ شَوْطًا ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَرَكَعَ وَسَعَى وَأَمَرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَقَضَى عُمْرَةً وَأَهْدَى وَلَوْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى عُمْرَتِهِ بَعْدَ إِكْمَالِ حَجِّهِ ثُمَّ ذَكَرَ بِعَرَفَةَ شَوْطًا مِنْ طَوَافِهِ مَضَى عَلَى قِرَانِهِ قَالَ سَنَدٌ هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي وُجُوبِ السَّبْعَةِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْتَفِرُ الشَّوْطَيْنِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ ذَكَرَ شَوْطًا بِالْقُرْبِ وَلم ينْتَقض وضوؤه عَادَ إِلَيْهِ بِالْقُرْبِ اتِّفَاقًا كَمَا يَرْجِعُ إِلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ طَالَ بَطَلَ الطَّوَافُ عِنْدَ مَالِكٍ وش وَابْنِ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَلَا يَبْطُلُ عِنْدَ ح قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ وَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ وَإِنْ قَرُبَ كَالصَّلَاةِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَبْطُلُ قَالَ مَالِكٌ الشَّكُّ فِي الْإِكْمَال كتيقن النَّقْض وَلَوْ أَخْبَرَهُ آخَرُ بِالْإِكْمَالِ أَجْزَأَ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ خَرَجَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ فَصَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ طَلَبَ نَفَقَةً نَسِيَهَا ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ طَوَافِهِ إِلَّا لِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَبْطُلُ لَا سِيَّمَا لِضَرُورَةِ الصَّلَاةِ قَالَ سَنَدٌ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَبْنِي قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِلَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى كَمَالِ شَوْطٍ عِنْدَ الْحَجَرِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَدْخُلُ مِنْ مَوْضِعِ خَرَجَ فَإِنْ بَقِيَ مِنَ الطَّوَافِ شَوْطَانِ أَتَمَّهُمَا إِلَى أَن تعتدل الصُّفُوفُ فَإِنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم يَبْتَدِئ طَوَافَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ مَعَ الْأَكْثَرِينَ يَبْنِي وَلَا يَقْطَعُهُ لِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِلَّا فِي التَّطَوُّعِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَبْنِي إِذَا خَرَجَ لِلنَّفَقَةِ إِنْ لَمْ يُطِلْ وَهُوَ أَعْذَرُ مِنَ الْجِنَازَةِ..الشَّرْطُ الْخَامِسُ التَّرْتِيبُ: خِلَافًا لِ ح وَوَافَقَنَا ش وَفِي الْجَوَاهِر هُوَ أَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ وَيَبْتَدِئَ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَلَوْ جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ جَنْبَيْ بَابِ الْبَيْتِ نِسْبَتُهُمَا إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ يَمِينِ الْإِنْسَانِ وَيَسَارِهِ إِلَيْهِ فَالْحَجَرُ مَوْضِعُ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ يُقَابِلُ يَسَارَ الْإِنْسَانِ وَبَابُ الْبَيْتِ وَجْهُهُ فَلَوْ جَعَلَ الْحَجَرَ عَلَى يَمِينِهِ لِأَعْرَضَ عَنْ بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ وَجْهُهُ وَلَوْ جَعَلَهُ عَلَى يَسَارِهِ أَقْبَلَ عَلَى الْبَابِ وَلَا يَلِيق بالأدب الْإِعْرَاض عَن وُجُوه الأمائل وَتَعْظِيمُ بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمٌ لَهُ وَقِيلَ إِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ إِعَادَةٌ وَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ الشَّوْطِ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْحَجَرِ فَمِنْهُ يَبْتَدِئُ الِاحْتِسَابُ قَالَ سَنَدٌ الْبِدَايَةُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالْحَجَرِ سُنَّةٌ فَإِذَا بَدَأَ بِالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ أَتَمَّ ذَلِكَ وَتَمَادَى مِنَ الْيَمَانِيِّ إِلَى الْأَسْوَدِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى طَال أَو انْتقض وضؤه أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ أَجْزَأَهُ وَأَهْدَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الْحَج 29 وَهَذَا قَدْ طَافَ فَإِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا ابْتَدَأَ وَإِنِ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ مِنْ بَيْنِ الْحَجَرِ وَالْبَابِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ بَدَأَ بِبَابِ الْبَيْتِ إِلَى الرُّكْنِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَالْبِدَايَةُ بِالْحَجَرِ شَرْطٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَسُنَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ فَلَو ابْتَدَأَ بالركن الْيَمَانِيّ فَإِذا فرغ سَعْيِهِ تَمَادَى مِنَ الْيَمَانِيِّ إِلَى الْأَسْوَدِ فَإِنْ لم يذكر حَتَّى طَال أَو انْتقض وضؤه أعَاد الطّواف وَالسَّعْي فَإِن خرج مَكَّةَ أَجْزَأَهُ الْهَدْيُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الْحَج 29..الشَّرْطُ السَّادِسُ أَنْ يَخْرُجَ بِجُمْلَةِ جَسَدِهِ عَنِ الْبَيْتِ: وَفِي الْكِتَابِ لَا يُعْتَدُّ بِمَا طَافَ دَاخِلَ الْحِجْرِ وَيَبْنِي عَلَى مَا طَافَ خَارِجًا مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَلْيَرْجِعْ وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يطف لقَوْله تَعَالَى {وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق} وَالْحِجْرُ بَقِيَّةُ الْبَيْتِ فَلَا يُجْزِئُ دَاخِلُهُ وَلَا شَاذْرُوَانُهُ خِلَافًا لِ ح..الشَّرْطُ السَّابِعُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ: فَفِي الْكِتَابِ مَنْ طَافَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ وَفِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ مِنْ زِحَامِ النَّاسِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ طَافَ فِي السَّقَائِفِ لِغَيْرِ زِحَامٍ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَعَادَ قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ الدُّنُوُّ مِنَ الْبَيْتِ كَالصَّفِّ الْأَوَّلِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُجْزِئُ مَنْ طَافَ خَارِجَ السَّقَائِفِ كَالطَّائِفِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ مِنْ وَرَاءِ الْحَرَمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ اتِّصَالَ الزِّحَامِ يَصِيرُ الْجَمِيعُ مُتَّصِلًا بِالْبَيْتِ كَاتِّصَالِ الزِّحَامِ بِالطُّرُقَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَعَ عَدَمِ الزِّحَامِ الطَّائِفُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يُعَدُّ طَائِفًا بِالْمَسْجِدِ لَا بِالْبَيْتِ وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَنْعَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ عَلَى مَنْعِ أَشْهَبَ فِي السَّقَائِفِ وَالْفَرْقُ أَنَّ زَمْزَمَ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ عَارِضٌ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِينَ فَلَا يُؤَثِّرُ كَالْمَقَامِ لِوَجْهَيْنِ فِي الْمَطَافِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ مَنْ طَافَ فِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ لَا يَرْجِعُ لِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونٍ يَرْجِعُ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ هَلْ يُجْزِئُهُ الْهَدْيُ أَوْ يَرْجِعُ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ..الشَّرْطُ الثَّامِنُ إِكْمَالُ الْعَدَدِ: وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ ضَرُورَةِ الدِّينِ وَفِي حَدِيثِ ابْن عمر أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خب ثَلَاثَة أطواف وَمَشى أَرْبعا وَفِي الْكتاب من نسي الشوط السَّابِع رَكَعَ وَسَعَى فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا طَافَ شَوْطًا وَاحِدًا وَرَكَعَ وَسَعَى وَإِنْ طَالَ أَوِ انْتَقَضَ وضؤه ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَسَعَى فَلَوْ رَاحَ إِلَى بَلَدِهِ رَجَعَ وَإِنْ أَصَابَ النِّسَاءَ فَعَلَ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ طَافَ وَسَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ قَالَ سَنَدٌ إِطْلَاقُ الْأَطْوَافِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَجَوَّزَ مَالِكٌ الْأَشْوَاطَ وَكَرِهَ ش الْأَشْوَاطَ وَالْأَدْوَارَ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ الرَّمَلِ الْأَشْوَاطُ والجميع وَاجِب عِنْد مَالك وش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَالصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَفِّفُ فِي الشَّوْطَيْنِ وَيَجْعَلُ الْأَقَلَّ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ ح إِن طَاف أَرْبعا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ إِنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَإِلَّا جَبَرَهُ بِدَمٍ كَإِدْرَاكِ السُّجُودِ بِالرُّكُوعِ..الشَّرْطُ التَّاسِعُ اتِّصَالُ رَكْعَتَيْنِ بِهِ: فَإِنْ قُلْتَ الشَّرْطُ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَهَذَا مُتَأَخِّرٌ فَكَيْفَ يُجْعَلُ شَرْطًا قُلْتُ الْمَشْرُوطُ صِحَّةُ الطَّوَافِ وَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الرُّكُوعِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَالرُّكُوعُ يَتَأَخَّرُ عَنِ الْفِعْلِ فَقَطْ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ هُمَا سُنَّةٌ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُمَا فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَيَجِبَانِ بِالدُّخُولِ فِي التَّطَوُّعِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ هُمَا تَابِعَانِ لِلطَّوَافِ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ قَالَ سَنَدٌ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا رُكْنًا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا وَاجَبَتَانِ يُجْبَرَانِ بِالدَّمِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا دم فيهمَا لنا قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ» وَلِأَنَّهُمَا عِبَادَةٌ بَعْدَ الطَّوَافِ فَيَجِبَانِ كَالسَّعْيِ فَإِذَا ذَكَرَهُمَا فِي سَعْيِهِ رَجَعَ فَرَكَعَ لِيَقَعَ السَّعْيُ بُعْدَهُمَا وَهُوَ سنة إِن كَانَ على وضوء وَإِلَّا تَوَضَّأَ وَأَعَادَ الطَّوَافَ وَإِنْ قَرُبَ قَالَهُ مَالك وَقَالَ ابْن حبيب إِن انْتقض وضؤه ابْتَدَأَ الطَّوَافَ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي التَّطَوُّعِ وَنَظِيرُهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ إِذَا أَخَّرَهُ بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ أَحْدَثَ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى قَوْلٍ فَإِنْ ذَكَرَهُمَا بَعْدَ السَّعْيِ قَالَ مَالِكٌ يَرْكَعُهُمَا وَيُعِيدُ السَّعْيَ قِيَاسًا عَلَى الشَّوْطِ يَنْسَاهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى طَالَ ذَلِكَ أَيَّامًا وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْكَعُهُمَا مَكَانَهُ فِي سَائِرِ الطَّوَافَاتِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيَهْدِي وَطِئَ النِّسَاءَ أَمْ لَمْ يَطَأْ فَإِنْ ذَكَرَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا وَلَمْ يَطَأْ فَإِنْ كَانَتَا مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ وَلَيْسَ بِمُرَاهِقٍ رَجَعَ فَطَافَ وَسَعَى وَأَهْدَى أَوْ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ طَافَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ مُتَعَيِّنُ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْإِفَاضَةِ فَإِنْ كَانَتَا مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ الَّذِي أَخَّرَهُ وَهُوَ مُرَاهِقٌ أَوْ أَحْرَمَ من مَكَّة أَو كَانَتَا من عمْرَة وَسَعَى وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ وَطِئَ وَهُمَا مِنْ أَيِّ طَوَافٍ كَانَ فَتَذَكَّرَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا طَافَ وَسَعَى لِمَا فِيهِ سَعْيٌ وَأَهْدَى وَاعْتَمَرَ وَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ رَكَعَهُمَا مَكَانَهُ وَأَهْدَى وَيُخْتَلَفُ فِي جَعْلِ النِّسْيَانِ عُذْرًا كَالْمُرَاهَقَةِ فَيَسْقُطُ الدَّمُ وَإِذَا قُلْنَا تَخْتَصُّ الْإِفَاضَةُ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَجَبَ الدَّمُ وَعَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ يَجِبُ الدَّمُ فِي الْعُمْرَةِ لِلتَّفْرِيقِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَتَا مِنْ عُمْرَةٍ وَرَجَعَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَلْبَسَ الثِّيَابَ وَيَتَطَيَّبَ فَالدَّمُ يَنُوبُ عَنْهُمَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يَرْجِعُ لَهُمَا لِأَنَّ فِعْلَهُمَا لَا يَفُوتُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِرُكْنٍ وَلَا تَخْتَصَّانِ بِمَكَانٍ وَاجِب وَلِهَذَا لوصلاهما بِغَيْرِ الْمَقَامِ أَجْزَأَهُ فَلَا يَرْجِعُ لَهُمَا إِلَّا مَعَ الْقُرْبِ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ فَإِنْ جَمَعَ وَهُوَ بِمَكَّةَ اسْتُحِبَّ لَهُ الْعُمْرَةُ بَعْدَ الْإِصْلَاحِ لِأَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِإِعَادَةِ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْفِدْيَةَ إِنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ تشبها بالمحرمين وَفِي الْكِتَابِ لَا تُجْزِئُ الْمَكْتُوبَةُ عَنْهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ وَمَنْ لَمْ يَرْكَعْهُمَا حَتَّى دَخَلَ فِي أُسْبُوعٍ آخَرَ قَطَعَ وَرَكَعَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى أَتَمَّهُ رَكَعَ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ لِأَن السَّعْي تَفْرِيق يَسِيرٌ لَا يُخِلُّ بِهِمَا وَمَنْ جَاءَ فِي غَيْرِ إِبَّانِ الصَّلَاةِ أَخَّرَهُمَا إِلَى الْحِلِّ أَجْزَأَتَا إِلَّا أَن ينْتَقض وضؤه فَيَبْتَدِئُ الطَّوَافَ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَيَرْكَعُ إِلَّا أَنْ يَتَبَاعَدَ فَيَرْكَعُهُمَا وَيَهْدِي وَلَا يَرْجِعُ قَالَ سَنَدٌ وَلَوْ أَخَّرَهُمَا أَرْبَعَةَ أَسَابِيعٍ لَرَكَعَ وَصَحَّ وَلَو أخر ذَلِك عَامِدًا يخرج عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ وَالْجَوَازِ لِجَوَازِ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَتَأْخِيرِ الرُّكُوعِ إِلَى الْغُرُوبِ وَقَدْ قُلْنَا إِذَا نَسِيَ رَكَعَ فِي بَلَدِهِ وَلَوْ أَنَّ الطَّوَافَ صَحِيحٌ لَوَجَبَ الرُّجُوعُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا يَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ وَيُصَلِّي أَيَّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» فَخَصَّ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِرَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَبَعْضُهُمْ بِالدُّعَاءِ قَالَ سَنَدٌ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَقَدْ طَافَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَمْ يَرْكَعْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَخَّرَهُمَا إِلَى الْغُرُوبِ قَدِمَ الْمَغْرِبَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ رَكَعَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَعَادَهُمَا اسْتِحْبَابًا وَالْقِيَاسُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ الْوَقْتَ يَقْبَلُ الصِّحَّةَ بِدَلِيلِ فِعْلِ الْمَفْرُوضَاتِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَرْكَعُ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَرْكَعُ إِنْ كَانَ بِغَلَسٍ وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِعْلُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ فِعْلُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بِمَكَّةَ فَإِنْ فَعَلَهُمَا فِي طَرِيقه بوضؤ وَاحِد فَلَا رُجُوع عَلَيْهِ وَإِن انْتقض وضؤه أَعَادَ الطَّوَافَ وَالرُّكُوعَ وَفِي الْكِتَابِ وَمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَطَافَ وَسَعَى وَنَسِيَ الرُّكُوعَ حَتَّى قَضَى الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ إِنْ ذَكَرَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا رَجَعَ فَطَافَ وَرَكَعَ وَسَعَى فَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ لَبِسَ الثِّيَابَ وَتَطَيَّبَ وَإِنْ كَانَ حَاجًّا وَكَانَ الرُّكُوعُ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ الَّذِي يَصِلُ بِهِ السَّعْيَ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ أَوْ مِنَ الْإِفَاضَةِ وَكَانَ قَرِيبًا رَجَعَ فَطَافَ وَركع وَإِن انْتقض وضؤه فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ طَوَافِ السَّعْيِ الَّذِي يُؤَخِّرُهُ الْمُرَاهِقُ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ عَرَفَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ بَعْدَ حَجِّهِ أَوْ قَرِيبا مِنْهَا أعَاد الطّواف إِن انْتقض وضؤه وَرَكَعَ وَسَعَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ طَوَافٍ هُوَ بَعْدَ وُقُوفِ عَرَفَةَ وَإِنْ تَبَاعَدَ رَكَعَهُمَا مَكَانَهُ وَأَهْدَى كَانَتَا مِنْ عُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا بَأْسَ بِالْحَدِيثِ الْيَسِير فِي الطّواف لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ فِيهَا الْكَلَامَ» وَلَا يُنْشَدُ الشِّعْرُ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ وَلَا تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ وَاسْتَحَبَّهَا ش لِأَنَّ مُجَاهِدًا كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فِي الطَّوَافِ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِم وش مِنَ الْبَيْعِ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ وَلِأَنَّهُ دَاخِلُ الْمَسْجِدِ بَلْ يَنْبَغِي لِلطَّائِفِ الْوَقَارُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ فِي عِبَادَتِهِ وَعِنْدَ بَيْتِهِ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ أَلْصَقُوا الْمَقَامَ بِالْبَيْتِ خَشْيَةَ السَّيْلِ وَبَقِيَ ذَلِكَ إِلَى زَمَانِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَدَّهُ إِلَى مَكَانِهِ زَمَانَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِخُيُوطٍ قَاسَهَا بِهِ كَانَتْ فِي خَزَائِنِ الْكَعْبَةِ عَمِلَهَا الْجَاهِلِيَّةُ وَقْتَ تَقْدِيمِهِ وَهُوَ عَلَيْهِ الْآن وَهُوَ الَّذِي نَصَبَ مَعَالِمَ الْحَرَمِ بَعْدَ تَغْيِيرِهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ بَكَّةُ مَوْضِعُ الْبَيْتِ وَمَكَّةُ اسْمٌ لِلْقَرْيَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ والوضؤ بِهِ مَا أَقَامَ بِهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلْيَقُلْ إِذَا شَرِبَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ قَالَ وَهُوَ لِمَا شُرِبَ لَهُ وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِأُمِّهِ هَاجَرَ طَعَامًا وَشَرَابًا..الْفَصْل الثَّانِي فِي سننه: وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:.السُّنَّةُ الْأُولَى الرَّمَلَانِ: قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَّلِ وَالْمَعِيَّةُ فِي الْبَاقِي وَذَلِكَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَفِي مَشْرُوعِيَّتِهِ فِي الْإِفَاضَةِ لِلْمُرَاهِقِ وَفِي الْقُدُومِ فِي حَقِّ مَنْ أَحْرَمَ مِنَ التَّنْعِيمِ وَشِبْهِهِ خِلَافٌ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ وَلَقُوا مِنْهَا شَرًّا فَأَطْلَعَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمِلُوا الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ لَا كُلَّهَا إِبْقَاءً عَلَيْهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُمْ قَالُوا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْتُمْ أَن الْحمى نهكتهم هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنَّا فَكَانَ السَّبَبُ فِي الرَّمَلَانِ فِي حَقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحقّ أَصْحَابه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِظْهَارَ الْقُوَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ فَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْجِهَادِ وَسَبَبُهُ فِي حَقِّنَا تَذَكُّرُ النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَيْنَا مِنَ الْعِزَّةِ بَعْدَ الذِّلَّةِ وَالْكَثْرَةِ بَعْدَ الْقِلَّةِ وَالْقُوَّةِ بَعْدَ الْمَسْكَنَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زُوحِمَ فِي الرَّمَلِ وَلَمْ يَجِدْ مَسْلَكًا رَمَلَ طَاقَتَهُ وَمَنْ جَهِلَ أَوْ نَسِيَ فَتَرَكَ الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فَهُوَ خَفِيفٌ قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ الدُّنُوُّ مِنَ الْبَيْتِ لِأَنَّ الْبَيْتَ هُوَ الْمَقْصُودُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً يَرْمُلُ فِيهَا تَأَخَّرَ إِلَى حَاشِيَةِ النَّاسِ لِأَنَّ الرَّمَلَانَ أَفْضَلُ مِنَ الدُّنُوِّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ تَارِكَ الرَّمَلَانِ عَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعِيدُ طَوَافَهُ مَا لَمْ يَفُتْ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ طَوَافَهُ مَا كَانَ بِمَكَّةَ فَإِنْ فَاتَ أَهْدَى وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُعِيدُ وَعَلَيْهِ دَمٌ لعُمُوم قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ هَيْئَة للطَّواف فَلَا يَجِبُ بِتَرْكِهِ شَيْءٌ كَالنَّاسِي فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِعَادَةِ فَفَعَلَهُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ لَمْ يُجْزِهِ كَالْقِرَاءَةِ فِي آخِرِ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ وَفِي الْكِتَابِ الرَّمَلَانُ فِي الْقَضَاءِ كَالْأَدَاءِ وَهُوَ آكَدُ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنَ الْمَوَاقِيتِ مِمَّنْ أَحْرَمَ مِنَ الْجُعْرَانَةِ أَوِ التَّنْعِيمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ رَمَلَانُ الطَّوَافِ الَّذِي يسْعَى عَقِيبه لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَظْهَرَهُ فِيهِ وَلِأَنَّ هَاجَرَ لَمَّا تَرَكَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُنَاكَ مَعَ إِسْمَاعِيلَ عَطِشَ فَصَعِدَتِ الصَّفَا تَنْظُرُ هَلْ بِالْمَوْضِعِ مَاءٌ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا فَنَزَلَتْ وَسَعَتْ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ حَتَّى عَلَتِ الْمَرْوَةَ فَجُعِلَ ذَلِكَ نُسُكًا إِظْهَارًا لِشَرَفِهَا وَتَفْخِيمًا لِأَمْرِهَا قَالَ سَنَدٌ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنَّهُ لَا رَمَلَ فِيهِ وَلَا يُرْمَلُ فِي طَوَافِ التَّطَوُّعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا طِيفَ بِالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الطَّوَافِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالصَّبِيِّ فَالْمَنْصُوصُ يُرْمَلُ بِالْمَرِيضِ وَفِي الصَّبِيِّ قَوْلَانِ أَجْرَاهُمَا اللَّخْمِيُّ فِي الْمَرِيضِ وَإِذا طَاف الْمحرم بِالصَّبِيِّ وَلَوْ كَانَ الطَّائِفُ لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يُنْتَقَلْ إِلَيْهِ وَلَا يَكْفِيهِمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ بِخِلَافِ مَا إِذَا حَمَلَ صَبِيَّيْنِ فَطَافَ بِهِمَا طَوافا وَاحِدًا كفاهما كَرَاكِبَيْنِ عَلَى دَابَّةٍ.
|